لم يكن ديفيد بن جوريون مجرد زعيم صهيوني كبير فحسب، بل كان عنصرياً بدرجة لا تفوق فقط ما كان عليه أمثاله من زعماء الصهيونية، و إنما فاقت عنصريته التي لم يكن لها مثيل في العالم ، عنصرية النازي هتلر في ألمانيا ، ونظام التمييز العنصري الذي كان سائداً في جنوب أفريقيا ، و الذي ساد في الولايات المتحدة الأميركية ضد الهنود الحمر والزنوج ، حيث أفرزت عنصرية بن جوريون إرهاباً غير مسبوق في تاريخ البشرية ، جسد قمة الهرم في إرهاب الحركة الصهيونية !!
يقول بن جوريون أحد أكبر رؤوس الحركة الصهيونية في يومياته عن مذابحه الدموية لتصفية الفلسطينيين وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين في أبشع أشكال وصور الإبادة الجماعية في التاريخ : ” ليست المسألة منوطة بضرورة الرد أم لا ولا يكفي نسف المنزل.. فالمطلوب والضروري هو ردود فعل قاسية وقوية. نحتاج إلى الدقة في الوقت والمكان والإصابات . وإذا توصلنا إلى معرفة الأسرة ، فلنضرب دون رحمة أو شفقة ، و خاصة النساء والأطفال. وإلا جاء رد الفعل غير فعّال . وفي موقع الفعل لا حاجة الى التمييز بين المذنب والبريء !!
لم يكن بن جوريون يخفي إيمانه المطلق بحتمية “العقل الإرهابي للمشروع الصهيوني” ، ودوره في تحقيق أهدافه وتجسيدها وتأسيس الكيان الصهيوني.
و أصدق دليل على ذلك هو ما قاله بن جوريون لتلميذه الإرهابي الصهيوني الآخر أرييل شارون عندما أرسله لارتكاب مجزرة قبية .. قال: “ليس المهم ما سيقوله العالم المهم أن نبقى هنا ” !!
وفي أواخر 1906م أبحر ديفيد على ظهر سفينة روسية إلى فلسطين في العشرين من عمره أعزب يحدوه الشوق لرؤية أرض إسرائيل المزهرة في أحلامه وأحلام آبائه وأجداده التي لا يعكر صفوها ظل العرب أو أي قضيه ترتبط باسمهم.
استقبل أعضاء رابطة عيزرا ديفيد- وقد كانوا قد هاجروا قبله- في ميناء يافا، وعمل في ذلك الوقت بفلاحة الأرض في يافا.
وبعد حوالي شهر من وجوده في أرض إسرائيل ذهب ديفيد إلى يافا لحضور اجتماعٍ تأسيسي لحزب عمال صهيون وفي ذلك الاجتماع حظي بنجاح باهر إذ انتخب عضوًا في اللجنة المركزية للحزب التي كانت في بداية تشكيلها واختير رئيسًا للجنة البرنامج السياسي التابعة للحزب.
كانت المسألة العربية تشغل كل من بن جوريون وابن تسفي الذي درس هو الآخر القانون في القسطنطينية على الرغم من أن الاثنين أعربا عن رأيهما بشأن هذه المسألة إلا أنهما لم يقولا كيف يمكن حلها ولكن بن جوريون اقترح على ابن تسفي محاولة إقامة وحدة عسكرية يهودية لحماية القدس (كهدفٍ ظاهري لها) وقبل الحاكم العسكري في القدس زكي بيه اقتراحهما رغم اشتراطهما أن تكون هذه الوحدة من المتطوعين المحليين ولا ترسل إلى أي مكانٍ آخر للحرب بل تبقى بصفتها مليشيا عملية في القدس (بهدف زرع الكيان اليهودي وإضفاء بعض الصبغة الشرعية على وجوده).
لذا فقد كرَّس ابن جوريون وابن تسفي جهودهما في الدفاع الشعبي- هكذا اسميا المليشيا التطوعية- ولقد لبَّى نداءَ الدعوة إلى التطوع 100 يهودي وبدءوا بالتدرب على السلاح لكن جمال باشا تنبَّه إلى الخطر المستتر وراء تكوين هذا الجيش اليهودي ضمن حدود الدولة الفلسطينية؛ لذا أمر بحل هذه المليشيا ثم تلا ذلك طرد 500 يهودي من يافا إلى الإسكندرية عام 1914م بالإضافةِ إلى نفي كل من بن جوريون وابن تسفي .
بعد إقامة إسرائيل عام 1948م أصبح ابن جوريون أول رئيس وزراء لها، وعمل فور توليه منصبه الجديد عام 1948م على توحيد العديد من المنظمات الدفاعية التي كانت موجودة آنذاك في قوات واحدة أطلق عليها قوات الدفاع الصهيونية IDF .
كما عمل بن جوريون على تشجيع الهجرة اليهودية إلى الكيان الصهيوني حتى وصل عدد المهاجرين إلى قرابة المليون من أوروبا الشرقية والبلدان العربية وغيرها، وقع مع ألمانيا الغربية عام 1952م اتفاقًا لتعويض اليهود المتضررين من العهد النازي المزعوم “الهولوكوست”.
وظل يشغل هذا منصب رئيس وزراء الحكومة حتى عام 1963م باستثناء 19 شهر بين عامي 54 و 55 حيث تسلم الحكومة موشيه شريت.. عاد مرةً أخرى إلى الحياة السياسية في أوائل عام 1955م ليحل محل وزير الدفاع بن حاس لافون الذي استقال، وفي نهاية السنة المذكورة أعيد انتخابه رئيسًا للوزراء.
في عهد وزارته الثانية شنَّ هجومًا عسكريًّا بالتعاون مع القوات الفرنسية والبريطانية على مصر عام 1956م بعد قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.
استقالته واعتزاله
استقال من رئاسة الوزراء عام 1963م معلنًا رغبته في التفرغ للدراسة والكتابة، لكنه ظل محتفظًا بمقعده في الكنيست، غير أنه لم يخلد تمامًا لهذا النمط الجديد من الحياة فأسس عام 1965م حزبًا معارضًا أسماه “رافي”.
اعتزل الحياة السياسية عام 1970م وألف العديد من الكتب منها: “العرب والفلسطينيون وأنا وإسرائيل.. تاريخ شخصي” الذي أصدره عام 1970م، و”اليهود في أرضهم” الذي صدر له بعد عامٍ من وفاته.
انسحب من الحياة السياسية عام 1970م ……..!!!!!!!!!!!!!!!!!!